قال إنهم كانوا زيادة على عشرة آلاف، لأن الألوف من جموع الكثرة وحقيقته ما فوق العشرة، قاله القرطبي فدل على أنها ألوف كثيرة وجمع القليل آلاف، وقيل جمع ألف أو آلف كقاعد وقعود، والمعنى مؤتلفون والأول أولى والواو للحال.
(حذر الموت) أي مخافة الطاعون، وكان قد نزل بهم، وقيل إنهم أمروا بالجهاد ففروا منه حذر الموت (فقال لهم الله موتوا) أمر تكوين وتحويل وهو عبارة عن تعلق إرادته بموتهم دفعة، أو تمثيل لإماتته سبحانه إياهم ميتة نفس واحدة كأنهم أمروا فأطاعوا فماتوا (ثم أحياهم) يعني بعد موتهم بدعاء نبيهم حزقيل بعد ثمانية أيام أو أكثر فعاشوا دهراً عليهم أثر الموت لا يلبسون ثوباً إلا عاد كالكفن واستمرّ في أسباطهم.
(إن الله لذو فضل) التنكير للتعظيم أي لذو فضل عظيم (على الناس) جميعاً فيجب عليهم شكره، أما هؤلاء الذين خرجوا فلكونه أحياهم ليعتبروا وأما المخاطبون فلكونه قد أرشدهم إلى الاعتبار والاستبصار بقصة هؤلاء.
قال ابن عباس: كانوا أربعة آلاف خرجوا فراراًْ من الطاعون وقالوا نأتي أرضاً ليس بها موت، حتى إذا كانوا بموضع كذا وكذا قال لهم الله موتوا فماتوا فمر عليهم نبي من الأنبياء فدعا ربه أن يحييهم حتى يعبدوه فأحياهم، وإن القرية التي خرجوا منها داوردان، قيل هو حزقيل، ويقال له ابن العجوز، ويقال له ذو الكفل وهو ثالث خليفة في بني إسرائيل، لأن موسى بعده يوشع ثم كالب ثم حزقيل.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم هذه القصة مطوّلة عن أبي مالك وفيها أنهم بضعة وثلاثون ألفاً، وقال سعيد بن عبد العزيز: إن ديارهم