للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثواب مثل ثواب من أحيا الناس جميعاً، وحكي عن الحسن أنه العفو بعد القدرة يعني أحياناً، وروي عن مجاهد أن إحياءها إنجاؤها من غرق أو حرق أو هدم أو هلكة.

وقيل: المعنى أن من قتل نفساً فالمؤمنون كلهم خصماؤه لأنه قد وتر الجميع، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً أي وجب على الكل شكره، وقيل المعنى أن من استحل واحداً فقد استحل الجميع، لأنه أنكر الشرع، ومن تورع عن قتل مسلم فكأنما تورع عن قتل جميعهم فقد سلموا منه.

وعلى كل حال فالإحياء هنا عبارة عن الترك والإنقاذ من هلكة، فهو مجاز إذ المعنى الحقيقي مختص بالله عز وجل، والمراد بهذا التشبيه في جانب القتل ْتهويل أمر القتل وتعظيم أمره في النفوس حتى ينزجر عنه أهل الجرآة والجسارة، وفي جانب الإحياء الترغيب في العفو عن الجناة واستنقاذ المتورطين في الهلكات، ولذلك صدر النظم الكريم بضمير الشأن المنبي عن كمال شهرته ونباهته وتبادره إلى الأذهان.

سئل الحسن عن هذه الآية أهي لنا كما كانت لبني إسرائيل، فقال: أي والذي لا إله غيره ما كانت دماء بني إسرائيل أكرم على الله من دمائنا.

(ولقد جاءتهم) أي بني إسرائيل (رسلنا بالبينات) الدلالات الواضحات، جملة مستقلة مؤكدة باللام الموطئة للقسم متضمنة للإخبار بأن الرسل عليهم الصلاة والسلام قد جاؤا العباد بما شرعه الله لهم من الأحكام التي من جملتها أمر القتل.

وثم في قوله: (ثم إن كثيراً منهم) للتراخي الرتبي والاستبعاد العقلي (بعد ذلك) أي ما ذكر مما كتبه الله على بني إسرائيل من تحريم القتل (في الأرض لمسرفون) في القتل لا ينتهون عنه، أو لمجاوزون الحق لا يبالون بعظمته.

<<  <  ج: ص:  >  >>