حكم مشروط بتحقق أحد شيئين فنقيضه مشروط بانتفائهما معاً، وكل حكم مشروط بتحققهما معاً فنقيضه مشروط بانتفاء أحدهما ضرورة أن نقيض كل شيء مشروط بنقيض شرطه.
(أو فساد في الأرض) فيستحق به القتل، وقد اختلف في هذا الفساد المذكور في هذه الآية ماذا هو فقيل هو الشرك والكفر بعد الإيمان، وقيل قطع الطريق.
وظاهر النظم القرآني أنه ما يصدق عليه أنه فساد في الأرض، فالشرك فساد في الأرض وقطع الطريق فساد في الأرض، وسفك الدماء وهتك الحرم ونهب الأموال فساد في الأرض، والبغي على عباد الله بغير حق فساد في الأرض، وهدم البنيان وقطع الأشجار وتغوير الأنهار فساد في الأرض، فعرفت بهذا أنه يصدق على هذه الأنواع أنها فساد في الأرض، وهكذا الفساد الذي يأتي في قوله:(ويسعون في الأرض فساداً) يصدق على هذه الأنواع، وسيأتي تمام الكلام على معنى الفساد قريباً.
(فكأنما قتل الناس جميعاً) أي في الذنب قاله الحسن، واختلف المفسرون في تحقيق هذا التشبيه للقطع بأن عقاب من قتل الناس جميعاً أشد من عقاب من قتل واحداً منهم، فروي عن ابن عباس أنه قال: المعنى من قتل نبياً أو إمام عدل فكأنما قتل الناس جميعاً.
(ومن أحياها) بأن شدّ عضده ونصره (فكأنما أحيا الناس جميعاً) أي في الأجر قاله الحسن، وروي عن مجاهد أنه قال: أن الذي يقتل النفس المؤمنة متعمداً جعل الله جزاءه جهنم وغضب عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً، فلو قتل الناس جميعاً لم يزد على هذا، قال ومن سلم من قتلها فلم يقتل أحداً فكأنما أحيا الناس جميعاً.
وقال ابن زيد المعنى: أن من قتل نفساً فيلزمه من القود والقصاص ما يلزمه من قتل الناس جميعاً ومن أحياها أي من عفا عمن وجب قتله فله من