فعله صلى الله عليه وآله واسم بالعرنيين، وبهذا قال جماعة من أهل العلم، وذهب جماعة آخرون إلى أن فعله - صلى الله عليه وسلم - بالعرنيين منسوخ بنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن المثلة، والقائل بهذا مطالب ببيان تأخر الناسخ.
والحق أن هذه الآية تعم المشرك وغيره ممن ارتكب ما تضمنته ولا اعتبار بخصوص السبب بل الاعتبار بعموم اللفظ.
قال القرطبي في تفسيره: ولا خلاف بين أهل العلم في أن حكم هذه الآية مرتب على المحاربين من أهل الإسلام وإن كانت نزلت في المرتدين أو اليهود انتهى.
ومعنى قوله مرتب أي ثابت، قيل المراد بمحاربة الله المذكورة في الآية هي محاربة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومحاربة المسلمين في عصره ومن بعد عصره بطريق العبارة دون الدلالة ودون القياس، لأن ورود النص ليس بطريق المشافهة حتى يختص حكمه بالمكلفين عند النزول فيحتاج في تعميم الخطاب لغيرهم إلى دليل آخر.
وقيل إنها جعلت محاربة المسلمين محاربة لله ولرسوله إكباراً لحربهم وتعظيماً لأذيّتهم، لأن الله سبحانه لا يحارب ولا يغالب، والأولى أن تفسر محاربة الله سبحانه بمعاصيه ومخالفة شرائعه، ومحاربة الرسول تحمل على معناها الحقيقي وحكم أمته حكمه وهم أُسوته.
(ويسمعون في الأرض فساداً) بحمل السلاح والخروج على الناس وقتل النفس وأخذ الأموال وقطع الطريق، والسعي فيها فساداً يطلق على أنواع من الشرك كما قدمنا قريباً، وانتصاب فساداً على الصدرية أو على أنه مفعول له أي للفساد أو على الحال بالتأويل أي مفسدين.
وقال ابن كثير في تفسيره: قال كثير من السلف منهم سعيد بن المسيب أن قرض الدراهم والدنانير من الإفساد في الأرض، وقد قال تعالى: (وإذا