للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تولّى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد) انتهى.

وإذا تقرر لك ما قررناه من عموم الآية ومن معنى المحاربة والسعي في الأرض فساداً فاعلم أن ذلك يصدق على كل من وقع منه ذلك، سواء كان مسلماً أو كافراً، في مصر أو غير مصر، في قليل وكثير وجليل وحقير، وأن حكم الله في ذلك هو ما ورد في هذه الآية من القتل أو الصلب أو قطع الأيدي والأرجل من خلاف أو النفي من الأرض.

ولكن لا يكون هذا حكم من فعل أي ذنب من الذنوب بل من كان ذنبه هو التعدي على دماء العباد وأقوالهم فيما عدا ما قد ورد له حكم غير هذا الحكم في كتاب الله أو سنة رسوله كالسرقة وما يجب فيه القصاص، لأنا نعلم أنه قد كان في زمنه صلى الله عليه وسلم من تقع منه ذنوب ومعاص غير ذلك ولا يجري عليه - صلى الله عليه وسلم - هذا الحكم المذكور في هذه الآية.

وبهذا يعرف ضعف ما روي عن مجاهد في تفسير المحاربة المذكورة في هذه الآية أنها الزنا والسرقة، ووجه ذلك أن هذين الذنبين قد ورد في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - لهما حكم غير هذا الحكم.

وإذا عرفت ما هو الظاهر من معنى هذه الآية على مقتضى لغة العرب التي أمرنا أن نفسر كتاب الله وسنة رسوله بها، فإياك أن تغتر بشيء من التفاصيل المروية، والمذاهب المحكية إلا أن يأتيك الدليل الموجب لتخصيص هذا العموم، أو تقييد هذا المعنى المفهوم، من لغة العرب فأنت وذاك، إعمل به وضعه في موضعه، وأما ما عداه:

فدع عنك نهباً صيح في حجراته ... وهات حديثاً ما حديث الرواحل.

على أنا سنذكر من هذه المذاهب ما تسمعه.

اعلم أنه قد اختلف العلماء فيمن يستحق اسم المحاربة، فقال ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>