وعنه قال: قياماً أن يأمن من توجه إليها، وعن ابن شهاب قال: يأمنون به من الجاهلية الأولى لا يخاف بعضهم من بعض حين يلقونهم عند البيت أو في الحرم أو في الشهر الحرام.
(والشهر الحرام) عطف على الكعبة، وهو ذو الحجة وخصه من بين الأشهر الحرم لكونه زمان تأدية الحج، وقيل هو اسم جنس المراد به الأشهر الحرم ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، فإنهم كانوا لا يطلبون فيها دماً ولا يقاتلون بها عدواً، ولا يهتكون فيها حرمة، فكانت من هذه الحيثية قياماً للناس (و) جعل الله (الهدي والقلائد) قياماً لمصالحهم، والمراد بالقلائد ذوات القلائد من الهدي وهي البدن، خصت بالذكر لأن الثواب فيها أكثر، وبهاء الحج بها أظهر، فهو من عطف الخاص على العام، قاله أبو السعود، ولا مانع من أن تراد القلائد أنفسها أي التي كانوا يقلدون بها أنفسهم يأخذونها من لحاء شجر الحرم إذا رجعوا من مكة ليأمنوا على أنفسهم من العدو.
(ذلك) الجعل المذكور، وقيل شرع الله ذلك وهو أقوى الوجوه (لتعلموا أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض) أي تفاصيل أمرهما ويعلم مصالحكم الدينية والدنيوية فإنها من جملة ما فيهما، فكل ما شرعه لكم فهو جلب لمصالحكم ودفع لما يضركم (وأن الله بكل شيء عليم) هذا تعميم بعد التخصيص والمعنى لا تخفى عليه خافية.