وسلم أنه فسر الإحسان بأن يعبد الله العبد حتى كأنه يراه فقال في حديث ابن عمر في الصحيحين " والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك "(١) وهذا هو المعنى بالإحسان شرعاً.
(وإيتاء ذي القربى) ما تدعو إليه حاجتهم وفي الآية إرشاد إلى صلة الأقارب والأرحام وترغيب في التصدق عليهم، وهو من باب عطف الخاص على العام إن كان إعطاء الأقارب قد دخل تحت العدل والإحسان، وقيل من باب عطف الندوب على الواجب، ومثل هذه الآية قوله (وآت ذا القربى حقه) وإنما خص ذوي القربى لأن حقهم آكد فإن الرحم قد اشتق الله اسمها من اسمه الشريف وجعل صلتها من صلته وقطيعتها من قطيعته فيستحب أن يصلهم من فضل ما رزقه الله فإن لم يكن له فضل فدعاء حسن وتودد.
(وينهى عن الفحشاء) هي الخصلة التزايدة في القبح من قول أو فعل، وقيل هي الزنا وقيل البخل (والمنكر) وهو ما أنكره الشرع بالنهي عنه وهو يعم جميع المعاصي على اختلاف أنواعها، وقيل هو الشرك (والبغي) قيل هو الكبر، وقيل هو الظلم وقيل الحقد وقيل التعدي، وحقيقته تجاوز الحد فيشمل هذه المذكورة ويندرج بجميع أقسامه تحت المنكر وإنما خص بالذكر اهتماماً به لشدة ضرره ووبال عاقبته وهو من الذنوب التي ترجع على فاعلها لقوله سبحانه (إنما بغيكم على أنفسكم) وهذه الآية من الآيات الدالة على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وعن عبد الملك بن عمير أن هذه الآية لما بلغت أكثم بن صيفي حكيم العرب قال إني أراه يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن ملائمها ثم قال لقومه كونوا في هذه الأمر رؤساء ولا تكونوا فيه أذناباً وكونوا فيه أولاً ولا تكونوا فيه آخراً.