جعلته حراً والظاهر أنها تجزىء أي رقبة كانت وقيل: يشترط أن تكون مؤمنة كالرقبة في كفارة القتل وبالأول قال أبو حنيفة وأصحابه وبالثاني قال مالك والشافعي واشترطا أيضاًً سلامتها من كل عيب ولم يجز المدبر وأم الولد والمكاتب الذي أدى شيئاًً، قال الأخفش: الآية فيها تقديم وتأخير والمعنى والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما كانوا عليه من الجماع، فتحرير رقبة لما قالوا أي فعليهم تحرير رقبة من أجل ما قالوا، فالجار في قوله:(لما قالوا) متعلق بالمحذوف الذي هو خبر المبتدأ وهو فعليهم.
(من قبل أن يتماسا) المراد بالتماس هنا الجماع وبه قال الجمهور فلا يجوز للمظاهر الوطء حتى يكفر، وقيل: إن المراد به الاستمتاع بالجماع أو اللمس أو النظر إلى الفرج بشهوة، وبه قال مالك، وهو أحد قولي الشافعي (ذلكم) أي الحكم المذكور (توعظون به) أي تؤمرون أو تزجرون به عن ارتكاب الظهار، فإن الغرامات مزاجر عن تعاطي الجنايات وفيه بيان ما هو المقصود من شرع الكفارة، قال الزجاج: معنى الآية ذلكم التغليظ في الكفارة توعظون به أي إن غلظ الكفارة وعظ لكم حتى تتركوا الظهار، لأن الحكم بالكفارة دليل على ارتكاب الجناية، فيجب أن تتعظوا بهذا الحكم، حتى لا تعودوا إلى الظهار وتخافوا عقاب الله عليه.
(والله بما تعملون خبير) لا يخفى عليه شيء من أعمالكم، فهو مجازيكم عليها.
" قال ابن عباس: أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال: إني ظاهرت من امرأتي فرأيت بياض خلخالها في ضوء القمر فوقعت عليها قبل أن أكفِّر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألم يقل الله (من قبل أن يتماسا) قال: قد فعلت يا رسول الله، قال: أمسك عنها حتى تكفر "(١)، وأخرج أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم والبيهقي.
" عن ابن عباس أن رجلاً قال: يا رسول الله إِني ظاهرت من امرأتي