الله عليه وسلم، فأمر الله تعالى أنه إذا قيل: انشزوا عن النبي فانشزوا، فإن له حوائج فلا تمكثوا، قال قتادة: المعنى أجيبوا إذا دعيتم إلى أمر بمعروف، والظاهر حمل الآية على العموم، والمعنى إذا قيل لكم انهضوا إلى أمر من الأمور الدينية فانهضوا ولا تتثاقلوا ولا يمنع من حملها على العموم كون السبب خاصاً، فإن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما هو الحق، ويندرج ما هو سبب النزول فيها إندراجاً أولياً وهكذا يندرج ما فيه السياق وهو التفسيح في المجلس اندراجاً أولياً.
وقد قدمنا أن معنى نشز ينشز ارتفع، وهكذا نشز ينشز إذا تنحى عن موضعه، ومنه امرأة ناشزة أي متنحية عن زوجها، وأصله مأخوذ من النشز وهو ما ارتفع من الأرض وتنحى، ذكر معناه النحاس.
(يرفع الله الذين آمنوا منكم) بطاعتهم لله ولرسوله وامتثال أوامره في قيامهم من مجالسهم وتوسعتهم لإخوانهم في الدنيا والآخرة بتوفير نصيبهم فيهما (والذين أوتوا العلم) أي ويرفع العالمين منهم خاصة (درجات) عالية في الكرامة في الدنيا والثواب في الآخرة، ومعنى الآية أنه يرفع الذين آمنوا على من لم يؤمن درجات، ويرفع الذين أوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم درجات، فمن جمع بين الإيمان والعلم رفعه الله بإيمانه درجات ثم رفعه بعلمه درجات، وقيل: المراد بالذين آمنوا من الصحابة وكذلك بالذين أوتوا العلم، وقيل: المراد بالذين أوتوا العلم الذين قرأوا القرآن، والأولى حمل الآية على العموم في كل مؤمن، وكل صاحب علم من علوم الدين من جميع أهل هذه الملة، ولا دليل يدل على تخصيص الآية بالبعض دون البعض.
وقال ابن عباس في الآية: يرفع الله الذين أوتوا العلم من المؤمنين على الذين لم يؤمنوا، درجات وقال ابن مسعود: على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم درجات وعنه قال: ما خص الله العلماء في شيء من القرآن كما خصهم