شبه بما ليس بينك وبينه إلا ليلة واحدة، أو لأن الدنيا أي زمانها كيوم والآخرة كغده، لاختصاص كل منهما بأحكام وأحوال متشابهة، وتعقيب الثاني للأول، فلفظ الغد حينئذ استعارة، وفائدة تنكير النفس بيان، إن الأنفس الناظرة في معادها قليلة جداً، كأنه قيل: ولتنظر نفس واحدة في ذلك، وأين تلك النفس؟ وفائدة تنكير الغد تعظيمه، وإبهام أمره، كأنه قيل: لغد لا تعرف النفس كنه عظمته، وهو له. فالتنكير فيه للتعظيم، وفي النفس للتقليل أو للتعريض بغفلة كلهم عن هذا النظر الواجب أفاده الكرخي.
(واتقوا الله) كرر الأمر بالتقوى للتأكيد أو الأول في أداء الواجبات لأنه مقرون بالعمل، فإن ما قدمت لغد عبارة عن أعمال الخير، والثاني في ترك المحارم، لاقترانه بقوله:(إن الله خبير بما تعملون) ورجح هذا الوجه بفضل التأسيس على التأكيد، وأنت خبير بأن التقوى تشمل كليهما فإنها على ما مر في أول البقرة هي التجنب عن كل ما يؤثم من فعل أو ترك، ولا وجه للتوزيع، بل المقام مقام الاهتمام بأمر التقوى، فالتأكيد أولى وأقوى، ذكره الكرخي، والمعنى لا تخفى عليه من ذلك خافية، فهو مجازيكم بأعمالكم إن خيراً فخير وإن شراً فشر.