مهورهن، لأن المهر أجر البضع، وذلك بعد انقضاء عدتهن كما تدل عليه أدلة وجوب العدة، وقال أبو حنيفة رحمه الله: لا عدة على المهاجرة، واستدل بهذه الآية، والأول أولى، وبه قال الأوزاعي والليث والشافعي وأحمد، والآية رد لما يتوهم من أن رد المهر إلى أزواجهن الكفار مغن عن تجديد مهر لهن إذا تزوجهن المسلمون، فالمهر المدفوع للكفار لا يقوم مقام المهر الذي يجب على المسلم إذا تزوجهن، والمراد بإيتاء المهر التزامه، وإن لم يدفع بالفعل.
(ولا تمسكوا بعصم الكوافر) قرأ الجمهور بالتخفيف من الإمساك، واختارها أبو عبيد لقوله:(فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) وقرىء بالتشديد من التمسك وهما سبعيتان، والعصم جمع عصمة وهي ما يعتصم به من عقد وسبب، والمراد هنا عصمة عقد النكاح، والكوافر جمع كافرة وهي التي بقيت في دار الحرب، أو لحقت بدار الحرب مرتدة، أي لا يكن بينكم وبينهن عصمة ولا علقة زوجية، والمعنى أن من كانت له امرأة كافرة فليست له بامرأة لانقطاع عصمتها باختلاف الدين، قال النخعي: هي المسلمة تلحق بدار الحرب فتكفر، وكان الكفار يزوجون المسلمات، والمسلمون يزوجون المشركات، ثم نسخ ذلك بهذه الآية، وهذه خاصة بالكوافر المشركات دون الكوافر من أهل الكتاب، وقيل: عامة في جميع الكوافر مخصصة بإخراج الكتابيات منها.
وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أنه إذا أسلم وثني أو كتابي لا يفرق بينهما إلا بعد انقضاء العدّة، وقال بعض أهل العلم: يفرق بينهما بمجرد إسلام الزوج، وهذا إنما هو إذا كانت المرأة مدخولاً بها، وأما إذا كانت غير مدخول بها فلا خلاف بين أهل العلم في انقطاع العصمة بينهما بالإسلام، إذ لا عدة عليها، عن ابن عباس قال: أسلم عمر بن الخطاب وتأخرت امرأته في المشركين، فأنزل الله: ولا تمسكوا بعصم الكوافر.