عليه وسلم من أولاد إسماعيل، وسليمان من أولاد إسحاق وهما ابنا إبراهيم عليهم السلام، فيكون كل واحد من محمد وسليمان عليهما السلام ابن أخ لصاحبه، وعلى لغة اليهود فعلى الأول فيكون سليمان قد عبر بنفسه عن بني إسرائيل وعن محمد صلى الله عليه وسلم بنفس إسماعيل فيكون عمه، وعلى الثاني يكون قد عبر عن نفسه ببني إسرائيل وعن محمد صلى الله عليه وسلم ببني إسماعيل فيكون قد عبر عنه بأولاد عمه، وعلى الثالث يكون قد عبر عن نفسه ببني إسرائيل، وعن محمد صلى الله عليه وسلم بابن إسماعيل فيكون ابن عمه، وتأنيث الضمير لأنه عبر عن نفسه بالقبيلة.
والمعنى أن هذا صوت محبوبي يسمع فاسمعوه، فإنه أتى يقفز على الجبال لأنه تولد في الحجاز، وهي أرض وعرة كثيرة الجبال، ويظفر على الأتلال لأنه ربي في البر مع بني تميم، إن محبوبي كالغزال، جملة استئنافية تتضمن بعض صفاته صلى الله عليه وسلم، وذلك إشارة إلى أنه كان طويل العنق أسمر العينين، أو كخشف الأوعال عطف على كالغزال وتأكيد لها، هذا هو واقف خلف جدارنا، هذا للتحضيض في الاصطفاء لكلامه، وخلف جدارنا إشارة إلى قرب زمانه أو إلى ضرورة إتيانه، يطل من الكوة ويظهر نفسه من الشباك، إشارة إلى علو مكانه وسمو مقامه، وإلى أنه يأتي إلى بلدهم لكن لا يتوقف فيها، بل يكون فيها كالذي ينظر من الشباك، وفيه إشارة إلى المعراج الجسماني لأن قوله: يطل وينظر فيهما إشارة إلى غاية انتهاء النظر، وهو يدل على التحدُّد الجسماني وعلى ارتفاع مكان الناظر، وفيه رد على من ينكر معراجه بالجسم.
فتكلمت محبوبتي وقالت، اطراد من المتكلم إلى المخاطب، والتأنيث باعتبار القبيلة أو البلد، قم يا محبوبي وجميلي وتعال، إظهار للرغبة في ظهوره صلى الله عليه وسلم، فإن الشتاء قد مضى، يريد بالشتاء مدة ما بينهما من الزمان، أو زمان الفترة بينه وبين عيسى عليه السلام، والمطر قد انقضى،