وقوله:(بأفواههم) فيه تورية وكذا قوله: (نوره)، ولكن قوله:(متم) تجريد لا ترشيح، أو المراد بالنور جميع ما ذكره، ومعنى بأفواههم بأقوالهم الخارجة من أفواههم التي لا منشأ لها غير الأفواه، دون الاعتقاد في القلوب، المتضمنة للطعن، مثلت حالهم بحال من ينفخ في نور الشمس بفيه ليطفئه، تهكماً بهم وسخرية.
قال ابن عطية: اللام في (ليطفئوا) لام مؤكدة مزيدة دخلت على المفعول، لأن التقدير يريدون أن يطفئوا، وأكثر ما تلزم هذه اللام المفعول إذا تقدم كقولك: لزيد ضربت ولرؤيتك قصدت، وقيل: هي لام العلة، والمفعول محذوف، أي يريدون إبطال القرآن، أو دفع الإسلام، أو هلاك الرسول ليطفئوا، وقيل إنها بمعنى أن الناصبة، وأنها ناصبة بنفسها، قال الفراء: العرب تجعل لام كي في موضع أن في أراد وأمر، وإليه ذهب الكسائي، ومثل هذا قوله: يريد الله ليبين لكم.
(والله متم نوره) بإظهاره في الآفاق وسائر في البلاد من المشارق إلى المغارب، وإعلائه على غيره، ومتم الحق، ومبلغه غايته، قرىء متم نوره بالإضافة سبعية وبتنوين (ولو كره الكافرون) ذلك فإنه كائن لا محالة.