قال عطاء وإليه ذهب الشافعي وأصحاب الرأي، وقال عمر: إنها تتربص تسعة أشهر، وقال الحسن سنة فإن لم تحض فتعتد بثلاثة أشهر فإذا كانت هذه عدة المرتاب بها فغير المرتاب بها أولى بذلك.
(واللائي لم يحضن) لصغرهن وعدم بلوغهن سن المحيض، أو لأنهن لا حيض لهن أصلاً وإن كن بالغات، قاله الخطيب. أي فعدتهن ثلاثة أشهر أيضاًً، وحذف هذا لدلالة ما قبله عليه، والأولى أن يقدر مفرداً أي فكذلك أو مثلهن، ولو قيل: إنه معطوف على اللائي يئسن عطف المفردات وأخبر عن الجميع بقوله: فعدتهن لكان وجهاً حسناً وأكثر ما فيه توسط الخبر بين المبتدأ وما عطف عليه، وهذا ظاهر قول الشيخ أبي حيان.
(وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) أي انتهاء عدتهن وضع الحمل وظاهر الآية أن عدة الحوامل بالوضع سواء كن مطلقات أو متوفي عنهن أزواجهن، وعمومها باق فهي مخصصة لآية يتربصن بأنفسهن، أي ما لم يكن حوامل، وإنما لم يعكس لأن المحافظة على عموم هذه الآية أولى من المحافظة على عموم تلك، لأن أزواجاً في آية البقرة عمومه بدلي، لا يصلح لجميع الأفراد في حال واحد، لأنه جمع منكر في سياق الإثبات، وأما أولات الأحمال فعمومه شمولي، لأن الموصول من صيغ العموم، وأيضاًً الحكم هنا معلل بوصف الحملية بخلاف ما هناك، وأيضاًً هذه الآية متأخرة في النزول عن آية البقرة فتقديمها على تلك تخصيص، وتقديم تلك فيما لو عمل بعمومها رفع لما في الخاص من الحكم، فهو نسخ، والتخصيص أولى منه، وقد تقدم الكلام على هذا في سورة البقرة مستوفى، وحققنا البحث في هذه الآية وفي الآية الأخرى:(والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً).
" عن أبيّ بن كعب في الآية قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: أهي المطلقة ثلاثاً؟ أو المتوفى عنها؟ قال هي المطلقة ثلاثاً والمتوفى عنها ".