(من وجدكم) أي من سعتكم وطاقتكم، وقال ابن عباس: من سعيكم والوجد بالحركات الثلاث، والمشهور باتفاق القراء بالضم بمعنى المقدرة، قال الفراء: يقول: على من يجد فإن كان موسعاً وسع عليها في المسكن والنفقة، وإن كان فقيراً فعلى قدر ذلك، قال قتادة: إن لم تجد إلا ناحية بيتك فأسكنها فيه وقد اختلف أهل العلم في المطلقة ثلاثاً هل لها سكنى ونفقة أم لا؟ فذهب مالك والشافعي إلى أن لها سكنى ولا نفقة لها، وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن لها النفقة والسكنى، وذهب أحمد وإسحق وأبو ثور إلى أنه لا نفقة لها ولا سكنى، وهذا هو الحق وقد قرره الشوكاني في شرحه للمنتقي بما لا يحتاج الناظر فيها إلى غيره، وأوضحناه في الروضة الندية شرح الدرر البهية.
(ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن) نهى سبحانه عن مضارتهن بالتضييق عليهن في المسكن والنفقة، وقال مجاهد: في المسكن، وبه قال ابن عباس، وقال مقاتل: في النفقة، وقال أبو الضحى: هو أن يطلقها فإذا بقى يومان من عدتها راجعها ثم طلقها (وإن كن)؟ أي المطلقات الرجعيات أو البائنات دون الحوامل المتوفى عنهن.
(أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن) أي إلى غاية هي وضعهن للحمل ولا خلاف بين العلماء في وجوب النفقة والسكنى للحامل المطلقة، فأما الحامل المتوفى عنها زوجها فقال علي وابن عمر وابن مسعود وشريح والنخعي والشعبي وحماد وابن أبي ليلى وسفيان وأصحابه: ينفق عليها من جميع المال حتى تضع، وقال ابن عباس وابن الزبير وجابر بن عبد الله ومالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابه: لا ينفق عليها إلا من نصيبها، وهذا هو الحق للأدلة الواردة في ذلك من السنة المطهرة، قال ابن عباس في الآية: فهذه في المرأة يطلقها زوجها وهي حامل فأمره الله أن يسكنها وينفق عليها حتى تضع، وإن أرضعت حتى تفطم فإن أبان طلاقها وليس لها حمل فلها السكنى