أن المراد بالرسول هنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقال الكلبي: هو جبريل، وبه قال الزمخشري، والمراد بالذكر القرآن، ويختلف المعنى باختلاف وجوه الإعراب السابقة كما لا يخفى، ثم نعت سبحانه الرسول المذكور بقوله:
(يتلو عليكم آيات الله مبينات) أي حال كونها واضحات ظاهرات قرأ الجمهور على صيغة اسم المفعول أي بينها الله وأوضحها، وقرىء على صيغة اسم الفاعل، أي الآيات تبين للناس ما يحتاجون إليه من الأحكام، ورجح الأول أبو حاتم وأبو عبيدة، لقوله:(قد بينا لكم الآيات)(ليخرج الذين آمنوا وعملوا الصالحات) بعد مجيء الذكر والرسول (من الظلمات إلى النور) اللام متعلقة بيتلو أي ليخرج الرسول الذي يتلو الآيات إياهم من ظلمات الضلالة إلى نور الهداية، أو من الجهل إلى العلم، أو من الكفر إلى الإيمان، أو متعلقة بأنزل فيكون المخرج هو الله سبحانه.
(ومن يؤمن بالله ويعمل صالحاً) أي يجمع بين التصديق والعمل بما فرضه الله عليه مع اجتناب ما نهاه عنه (يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار) قرأ الجمهور يدخله بالتحتية وقرىء بالنون وهي سبعية وعليها ففي الكلام التفات من الغيبة إلى التكلم وجمع الضمير في قوله: (خالدين فيها أبداً) باعتبار معنى (من) ووحدة في (ندخله) باعتبار لفظها (قد أحسن الله له رزقاً) أي وسع له رزقه في الجنة التي لا ينقطع نعيمها، وقيل: يرزقون طاعة في الدنيا وثواباً في الآخرة، وقال القشيري: الحسن ما كان على حد الكفاية لا نقصان فيه يتعطل عن أموره بسببه، ولا زيادة تشغله عن الاستمتاع بما رزق لحرصه، كذلك أرزاق القلوب أحسنها أن يكون له من الأحوال ما يستقل بها من غير نقصان، ولا زيادة لا يقدر على الاستمرار عليها، ذكره الخطيب.