بالمتظاهرتين، وذكر فيه أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يراجعنه وتهجره إحداهن من اليوم إلى الليل، وأن ذلك سبب الاعتزال، لا سبب نزول: يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك؟ ويؤيد هذا ما قدمنا عن ابن عباس أنه قال لعمر بن الخطاب: من المرأتان اللتان تظاهرتا فأخبره بأنهما حفصة وعائشة وبينّ له أن السبب قصة مارية، هذا ما تيسر من تلخيص سبب نزول الآية، ودفع الاختلاف في شأنه، فاشدد عليه يديك لتنجو به من الخبط والخلط الذي وقع للمفسرين.
(قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) أي شرع لكم تحليل أيمانكم، وبينّ لكم الخروج والخلاص منها بالكفارة، وقول النسفي: أو شرع لكم الاستثناء في أيمانكم من قولك حلل فلان في يمينه إذا استثنى فيها، وذلك أن يقول: إن شاء الله عقيبها حتى لا يحنث، وتحريم الحلال يمين عندنا انتهى، وتحلة أصلها تحللة فأدغمت وهي من مصادر التفعيل كالتوصية والتسمية، فكأن اليمين عند والكفارة حل لأنها تحل للحالف ما حرمه على نفسه، قال مقاتل: المعنى قد بينّ الله كفارة أيمانكم في سورة المائدة، أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يكفر يمينه، ويراجع وليدته، فأعتق رقبة.
وعن الحسن أنه لم يكفر لأنه صلى الله عليه وسلم مغفور له ذكره المحلي والنسفي، قال الزجاج: وليس لأحد أن يحرم ما أحل الله وهذا هو الحق، إن تحريم ما أحل الله لا ينعقد ولا يلزم صاحبه، فالتحليل والتحريم هو إلى الله سبحانه لا إلى غيره، ومعاتبته لنبيه صلى الله عليه وسلم في هذه السورة أبلغ دليل على ذلك، والبحث طويل، والمذاهب فيه كثيرة، والمقالات فيه طويلة وقد حققه الشوكاني في مؤلفاته بما يشفي، وذكر رضي الله عنه في شرحه للمنتقي خمسة عشر قولاً، واختلف العلماء هل مجرد التحريم يمين توجب الكفارة أم لا؟ وفي ذلك خلاف، وليس في الآية ما يدل على أنه يمين، لأن الله سبحانه عاتبه على تحريم ما أحله له، ثم قال: قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم، وقد ورد في القصة التي ذهب أكثر المفسرين إلى أنها هي