(تائبات) يعني كثيرات التوبة من الذنوب، تاركات لها، راجعات إلى الله وإلى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم عن الهفوات والزلات (عابدات) لله متذللات له قال الحسن وسعيد بن جبير: كثيرات العبادة (سائحات) أي صائمات قاله ابن عباس، وقال زيد بن أسلم والحسن: مهاجرات، وليس في أمة محمد صلى الله عليه وسلم سياحة إلا الهجرة، قال ابن قتيبة والفراء وغيرهما: وسمي الصيام سياحة لأن السائح لا زاد معه، وقيل: المعنى ذاهبات في طاعة الله من ساح الماء إذا ذهب، وأصل السياحة الجولان في الأرض، وقيل: يسحن معه حيث ساح وقد مضى الكلام على السياحة في سورة براءة.
(ثيبات وأبكاراً) أي بعضهن كذا وبعضهن كذا ووسط بينهما العاطف لتنافيهما دون سائر الصفات. والثيبات جمع ثيب لا ينقاس، لأنه اسم جنس مؤنث ووزنها فيعل من ثاب يثوب أي رجع، وهي المرأة التي قد تزوجت ثم ثابت عن زوجها فعادت كما كانت غير ذات زوج، وقيل: لأنها ثابت إلى بيت أبويها وهذا صح: لأنه ليس كل ثيب تعود إلى زوجها، والأبكار جمع بكر وهي العذراء سميت بذلك لأنها على أول حالها التي خلقت عليها، عن بريدة في الآية قال: وعد الله نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية أن يزوجه بالثيب آسية امرأة فرعون وبالبكر مريم بنت عمران. ولا يقال: أي مدح في كونهن ثيبات لأن الثيب قد تمدح من جهة أنها أكثر تجربة وعقلاً، وأسرع حبلاً غالباً، والبكر تمدح من جهة أنها أطهر وأطيب وأكثر مداعبة وملاعبة غالباً،