له وكونه على دين الإسلام، وقيل هو القرآن، روي هذا عن الحسن والعوفي، وقال قتادة: هو ما كان يأتمر به من أمر الله وينتهي عنه من نهي الله، قال الزجاج المعنى أنك على الخلق الذي أمرك الله به في القرآن، وقيل هو لرفقه بأمته وإكرامه إياهم، وقيل المعنى إنك على طبع كريم، قال الماوردي وهذا هو الظاهر وحقيقة الخلق في اللغة ما يأخذ الإنسان نفسه به من الأدب.
عن سعد بن هشام قال: أتيت عائشة فقلت: يا أم المؤمنين " أخبريني بخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: كان خلقه القرآن "(١) أما تقرأ القرآن (إنك لعلى خلق عظيم)، أخرجه مسلم وابن المنذر والحاكم وغيرهم، وعنها قالت:" ما كان أحد أحسن خلقاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما دعاه أحد من أصحابه ولا من أهل بيته إلا قال لبيك، فلذلك أنزل الله (وإنك لعلى خلق عظيم) " أخرجه ابن مردويه وابن نعيم في الدلائل والواحدي.
وعن أبي الدرداء قال:" سئلت عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: كان خلقه القرآن يرضى لرضاه ويسخط لسخطه " أخرجه البيهقي في الدلائل وابن مردويه وابن المنذر.
وعن أبي عبد الله الحدلي قال: " قلت لعائشة: كيف خلق رسول الله صلى
(١) هو قطعة من حديث طويل رواه الإمام أحمد في " مسنده " ٦/ ٥١، ٥٢، ورواه مسلم ١/ ٥١٢ بنحو حديث أحمد. ورواه الحاكم في " المستدرك " ٢/ ٤٩٩ مختصراً، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وأورده السيوطي في " الدر " ٦/ ٢٥٠ مختصراً، وزاد نسبته لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها. قال ابن كثير: ومعنى هذا أنه عليه الصلاة والسلام صار امتثال القرآن أمراً ونهياً سجية له وخُلُقاً تطبعه وترك طبعه الجبلي، فمهما أمره القرآن فعله، ومهما نهاه عنه تركه، هذا مع ما جبله الله عليه من الخلق العظيم، من الحياء، والكرم، والشجاعة، والصفح، والحلم، وكل خلق جميل.