لقادرون على أن نخلق أمثل منهم وأطوع لله حين عصوه، ونهلك هؤلاء أو نبدلهم بتحويل الوصف فيكونوا أشد بطشاً في الدنيا وأكثر أموالاً وأولاداً، وأعلى قدراً، وأكثر حشماً وجاهاً وخدماً فيكونوا عندك على قلب واحد في سماع قولك وتوقيرك وتعظيمك، والسعي في كل ما يشرح صدرك بدل ما يعمل هؤلاء من الهزء والتصفيق والصفير، وكل ما يضيق به صدرك.
وقد فعل سبحانه ما ذكر من هذه الأوصاف بالمهاجرين والأنصار والتابعين لهم بالإحسان، مع السعة في الرزق بأخذ أموال الجبارين من كسرى وقيصر، والتمكن في الأرض حتى كانوا ملوك الدنيا مع العمل بما يوجب لهم ملك الآخرة، ففرجوا الكرب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبذلوا في مرضاته الأنفس والأموال.
ومن جملة المقسم عليه قوله:(وما نحن بمسبوقين) أي بمغلوبين إن أردنا ذلك بل نفعل ما أردنا لا يفوتنا شيء ولا يعجزنا أمر، ولكن مشيئتنا وسابق علمنا اقتضيا تأخير عقوبة هؤلاء وعدم تبديلهم بخلق آخر