وقيل ذل التمسك بالباطل، وقيل ذلتهم أنك لا ترى في اليهود ملكاً قاهراً ولا رئيساً معتبراً بل هم مستضعفون بين المسلمين والنصارى في جميع البلاد.
(إلا) أن يعتصموا (بحبل من الله) قاله الفراء أي بذمة الله أو بكتابه، قال الزجاج: هو استثناء منقطع، وقيل هو استثناء مفرغ من الأحوال العامة، قال الزمخشري: هو استثناء من أعم الأحوال والمعنى ضربت عليهم الذلة في عامة الأحوال إلا في حال اعتصامهم بحبل من الله انتهى، أي بعهد من الله وهو أن يسلموا فتزول عنهم الذلة.
(وحبل) أي بذمة (من الناس) وهم المسلمون ببذل الجزية، وقيل المراد بالناس النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة (وباؤا) رجعوا وقيل احتملوا، وأصل معناه في اللغة اللزوم والاستحقاق (بغضب) أي لزمهم غضب (من الله) وهم مستحقون له (وضربت عليهم المسكنة) أحاطت بهم من جميع الجوانب، قال الحسن: المسكنة هي الجزية، وعن قتادة والحسن قالا يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون، وعن الضحاك نحوه.
وقيل المعنى أن اليهودي يظهر من نفسه الفقر وإن كان موسراً، وهكذا حال اليهود فإنهم تحت الفقر المدقع والمسكنة الشديدة إلا النادر الشاذ منهم.
(ذلك) أي ما تقدم من ضرب الذلة والمسكنة والغضب وقع عليهم (بأنهم) أي بسبب أنهم (كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء) إسناد القتل إليهم مع أنه فعل أسلافهم لرضاهم به كما أن التحريف مع كونه فعل أحبارهم ينسب إلى كل من يسير بسيرتهم (بغير حق) أي في اعتقادهم أيضاً.
(ذلك) أي الكفر وقتل الأنبياء (بما عصوا وكانوا يعتدون) أي بسبب عصيانهم لله واعتدائهم لحدوده، ومعنى الآية أن الله ضرب عليهم الذلة والمسكنة والبواء بالغضب منه لكونهم كفروا بآياته، وقتلوا أنبياءه، بسبب عصيانهم واعتدائهم حدود الله على الاستمرار، فإن الإصرار على الصغائر يفضي إلى الكبائر، وهي تفضي إلى الكفر، عن ابن جريج قال: إشراكهم في عزير وعيسى والصليب.