(وتؤمنون بالكتاب كله) أي جنس الكتاب جميعاً أي لا يحبونكم والحال أنكم تؤمنون بكتب الله سبحانه التي من جملتها كتابهم، فما بالكم تحبونهم ولا يؤمنون بكتابكم، وفيه توبيخ لهم شديد، لأن من بيده الحق أحق بالصلابة والشدة ممن هو على الباطل.
(وإذا لقوكم قالوا) نفاقاً وتقية (آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم) أي لأجلكم، والعض الإمساك بالأسنان أي تحامل الأسنان بعضها على بعض والعض كله بالضاد إلا في قولهم عظ الزمان أي اشتد وعظت الحرب أي اشتدت فإنهما بالظاء أخت الطاء (الأنامل) جمع أنملة وهي طرف الأصبع (من الغيظ) أي تأسفاً وتحسراً حيث عجزوا عن الإنتقام منكم، والعرب تصف النادم والمغتاظ مجازاً بعضّ الأنامل والبنان. ومن لابتداء الغاية أو بمعنى اللام أي من أجل الغيظ والغيظ مصدر غاظه يغيظه أي أغضبه والتغيظ إظهار الغيظ، وقد يكون مع ذلك صوت، قال تعالى:(سمعوا لها تغيظاً وزفيراً) قاله السمين.
ثم أمره الله سبحانه بأن يدعو عليهم فقال (قل موتوا بغيظكم) وهو دعاء يتضمن استمرار غيظهم ما داموا في الحياة بتضاعف قوة الإسلام وأهله حتى يأتيهم الموت وهم عليه، والباء للملابسة أي متلبسين بغيظكم (إن الله عليم بذات الصدور) أي الخواطر القائمة بها والدواعي والصوارف الموجودة فيها. وهو كلام داخل تحت قوله (قل) فهو من جملة المقول أو مستأنفة أخبر الله بذلك لأنهم كانوا يخفون غيظهم ما أمكنوا فذكر ذلك لهم على سبيل الوعيد، وذات هنا تأنيث ذي بمعنى صاحبة الصدور، وجعلت صاحبة لها لملازمتها لها وعدم انفكاكها نحو أصحاب الجنة وأصحاب النار، والمراد بها المضمرات.