وقد أعترض على قراءة الجزم لأن قوله تستكثر لا يصح أن يكون بدلاً من تمنن، لأن المن غير الاستكثار، ولا يصح أن يكون جواباً للنهي، والمن الإنعام وبابه رد.
واختلف السلف في معنى الآية فقيل المعنى لا تنعم بشيء مستكثراً أي طالباً للكثرة، كارهاً أن ينقص المال بسبب العطاء فيكون الاستكثار هنا عبارة عن طلب العوض كيف كان، وقيل المعنى لا تمنن على ربك بما تتحمله من أعباء الرسالة والنبوة كالذي يستكثر ما يتحمله بسبب الغير، وقيل لا تعط عطية تلتمس فيها أكثر منها قاله عكرمة وقتادة، وقال ابن عباس لا تعط تلتمس بها أفضل منها وعنه قال لا تعط الرجل عطاء رجاء أن يعطيك أكثر منه، قال الضحاك هذا حرمه الله على رسوله لأنه مأمور بأشرف الآداب وأجل الأخلاق، وأباحه لأمته، وقال مجاهد لا تضعف أن تستكثر من الخير من قولك حبل متين إذا كان ضعيفاً، وقال الربيع ابن أنس لا يعظم عملك في عينك أن تستكثر من الخير.
وقال ابن كيسان لا تستكثر عملاً فتراه من نفسك إنما عملك منة من الله عليك إذ جعل لك سبيلاً إلى عبادته، وقيل لا تمنن بالنبوة والقرآن على الناس فتأخذ منهم أجراً تستكثره، وقال محمد بن كعب لا تعط مالك مصانعة وقال زيد بن أسلم إذا أعطيت عطية فأعطها لربك.