قال المبرد مشج يمشج إذا اختلط وهو هنا اختلاط النطفة بالدم، قال الفراء أمشاج اختلاط ماء الرجل وماء المرأة والدم والعلقة، ويقال مشج هذا إذا خلط، وقيل الأمشاج الحمرة في البياض، والبياض في الحمرة.
قال القرطبي: وهذا قول يختاره كثير من أهل اللغة وذلك لأن ماء الرجل أبيض غليظ وماء المرأة أصفر رقيق فيخلق منهما الولد، قيل وما كان من عصب وعظم فمن نطفة الرجل، وما كان من لحم ودم وشعر فمن ماء المرأة، حتى لو زنت المرأة بامرأة واجتمع الماءآن في رحم إحداهما خلق الولد بلا عظم، وقد وقع ذلك في عصر السلطان غياث الدين فلم يدر السلطان، فجمع الأطباء والعلماء فلم يدركوا شيئاًً من شأنه فأرسل الاستفتاء إلى علماء ظفر أباد فقال محمد بن الحاج إنه خلق من ماء امرأتين فتفحص السلطان فظهر أنه كذلك، وقيل الأمشاج أطوار الخلق نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظماً ثم يكسوه لحماً ثم ينشئه خلقاً آخر.
قال ابن السكيت: الأمشاج الأخلاط لأنها ممتزجة من أنواع يخلق الإنسان منها وطباع مختلفة، وقيل الأمشاج لفظ مفرد كبرمة أعشار، ويؤيد هذا وقوعه نعتاً للنطفة، قال ابن مسعود: أمشاجها عروقها، وعن ابن عباس: قال ماء الرجل وماء المرأة حين يختلطان، وعنه قال: نطفة الرجل بيضاء وحمراء ونطفة المرأة خضراء وحمراء، وعنه قال: الأمشاج الذي يخرج على أثر البول كقطع الأوتار، ومنه يكون الولد.
وجملة (نبتليه) في محل نصب على الحال من فاعل خلقنا أي مريدين ابتلاءه حين تأهله ويجوز أن يكون حالاً من الإنسان، والمعنى نبتليه بالخير والشر والتكاليف قال الفراء معناه والله أعلم (فجعلناه سميعاً بصيراً) نبتليه وهي مقدمة معناها التأخير، لأن الابتلاء لا يقع إلا بعد تمام الخلقة، وعلى هذا هذه حال مقدرة وقيل مقارنة.