للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصلاة والحج ونحوهما، وفيه مبالغة في وصفهم بالتوفيق على أداء الواجبات لأن من وفى بما أوجبه هو على نفسه لوجه الله تعالى كان بما أوجب الله عليه أوفى.

وقال عكرمة: يوفون إذا نذروا في حق الله سبحانه، والنذر في الشرع ما أوجبه المكلف على نفسه، فالمعنى يوفون بما أوجبوه على أنفسهم (١).

قال الفراء: في الكلام إضمار أي كانوا يوفون بالنذر في الدنيا، وقال الكلبي: يوفون بالنذر أي يتممون العهود لقوله تعالى (وأوفوا بعهد الله) وقوله: (أوفوا بالعقود) أمروا بالوفاء بهما لأنهم عقدوهما على أنفسهم باعتقادهم الإيمان، والأولى حمل النذر هنا على ما أوجبه العبد على نفسه من غير تخصيص.

(ويخافون يوماً كان شره مستطيراً) المراد يوم القيامة، ومعنى استطارة شره فشوه وانتشاره غاية الانتشار، يقال استطار يستطير فهو مستطير، وهو استفعل من الطيران، والعرب تقول استطار الصدع في القارورة والزجاجة إذا امتد ويقال استطار الحريق إذا انتشر، وهو أبلغ من طار، قال الفراء: المستطير المستطيل، قال قتادة استطار شر ذلك اليوم حتى ملأ السموات والأرض.

قال مقاتل كان شره فاشياً في السموات فانشقت وتناثرت الكواكب وكورت الشمس والقمر وفزعت الملائكة، وفي الأرض نسفت الجبال وغارت


(١) قال ابن كثير: وقوله تعالى: (يوفون بالنذر) أي: يتعبدون الله فيما أوجبه عليهم من فعل الطاعات الواجبة بأصل الشرع وما أوجبوه على أنفسهم بطريق النذر. قال الإمام مالك في " الموطأ " ٢/ ٤٧٦ عن طلحة بن عبد الملك الأيلي عن القاسم بن محمد بن الصديق عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه " ورواه البخاري في صحيحه " كتاب الأيمان والنذور ": باب النذر في الطاعة من حديث مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>