عن عبد الرحمن بن عابس قال:" سمعت ابن عباس يسأل عن قوله (بشرر كالقصر) قال كنا نرفع الخشب بقدر ثلاثة أذرع أو أقل فنرفعه للشتاء فنسميه القصر، قال وسمعته يسأل عن قوله (كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ) قال حبال السفن يجمع بعضها إلى بعض حتى تكون كأوساط الرجال ".
ولفظ البخاري " كنا نعمد إلى الخشبة ثلاثة أذرع وفوق ذلك فنرفعه للشتاء فنسميه القصر (كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ)، حبال السفن تجمع حتى تكون كأوساط الرجال " وعنه قال هي الإبل.
قال الواحدي الصفر معناها السود في قول المفسرين، قال الفراء الصفر سود الإبل لا يرى أسود من الإبل إلا وهو مشرب صفرة لذلك سمت العرب سود الإبل صفراً، قيل والشرر إذا تطاير وسقط وفيه بقية من لون النار أشبه شيء بالإبل السود.
قيل وهذا القول محال في اللغة أن يكون شيء يشوبه شيء قليل فينسب كله إلى ذلك الشائب فالعجب لمن قال بهذا وقد قال تعالى (جِمَالَتٌ صُفْرٌ) وأجيب أن وجهه أن النار خلقت من النور فهي مضيئة، فلما خلق الله جهنم هي موضع النار حشى ذلك الموضع بتلك النار وبعث إليها سلطانه وغضبه فاسودت من سلطانه وإزدادت سواداً وصارت أشد سوادا من كل شيء فيكون شررها أسود لأنه من نار سوداء.
قلت هذا الجواب البارد لا يدفع ما قاله القائل لأن كلامه باعتبار ما وقع في الكتاب العزيز هنا من وصفها بكونها صفراً، فلو كان الأمر كما ذكره المجيب من اسوداد النار واسوداد شررها لقال الله تعالى كأنها جمالات سود، ولكن إذا كانت العرب تسمى الأسود أصفر لم يبق إشكال لأن القرآن نزل بلغتهم، وقد نقل الثقات عنهم ذلك ويدل عليه الحديث في صفة جهنم وفي آخره " فهي سوداء مظلمة " فكان ما في القرآن هنا وارداً على هذا الإستعمال العربي