ولا معارضة بين هذه الآية وبين ما تقدم في سورة فصلت من قوله (ثم استوى إلى السماء) بل الجمع بأنه سبحانه خلق الأرض أولاً غير مدحوة ثم خلق السماء ثم دحى الأرض، وقد قدمنا الكلام على هذا مستوفى هنالك، وقدمنا أيضاًً بحثاً في هذا في أول سورة البقرة عند قوله (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً) وذكر بعض أهل العلم أن (بعد) بمعنى مع كما في قوله (عتل بعد ذلك زنيم) وقيل (بعد) بمعنى قبل كقوله (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر) أي من قبل الذكر، والجمع الذي ذكرناه أولى وهو قول ابن عباس وغير واحد واختاره ابن جرير.
وعن ابن عباس أن رجلاً قال له آيتان في كتاب الله تخالف إحداهما الأخرى، فقال إنما أتيت من قبل رأيك قال اقرأ (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ -حتى بلغ- ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ) وقوله (والأرض بعد ذلك دحاها) قال خلق الله الأرض قبل أن يخلق السماء ثم خلق السماء ثم دحى الأرض بعد ما خلق السماء وإنما قوله (دحاها) بسطها، وعنه قال دحاها أن أخرج منها الماء والمرعى وشقق فيها الأنهار وجعل فيها الجبال والرمال والسبل والآكام وما بينهما في يومين.
قرأ الجمهور بنصب الأرض على الاشتغال وقرىء بالرفع على الابتداء.