ودليلنا أن العقل لا يوجب على الله شيئاًً، وإذا ثبت أن البهائم وغيرها من الحيوان الذي خلق فيه الألم من غير جرم ولا ذنب لا يستحقون ذلك لم تجب إعادتهم ولا نشرهم ولا حشرهم يوم القيامة.
وقال القدرية إن لم يعوضهم في الدنيا فإنه يجب عليه حشرهم في الآخرة وبعثهم كبعث المكلفين.
فإن قالوا قد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في خبر القصاص " حتى يؤخذ للجماء من القرناء ".
قلنا المراد به حتى يؤخذ للضعيف من القوي، فكنى بذلك عنهم لأن الدليل قد قام على أنهم غير مكلفين، ومن لا تكليف عليه لا يعاقب ولا يقتص منه انتهى.
وفي سراج الملوك اختلف السلف في هذا فقال ابن عباس حشرها موتها، وهو تأويل بعيد لأن الحشر الجمع، وليس في موتها جمعها، بل تفريقها بتمزيقها، ومعظم المفسرين على أنها تحشر كلها حتى الذباب يقتص منها ثم يقال لها كوني تراباً.
وقال بعضهم لا نقطع بإعادتها كالمجانين ومن لم تبلغه الدعوة، وتوقف بعضهم في ذلك والدليل عليه الآية المذكورة والحديث الصحيح عن أبي هريرة " ليؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء " وأنكرها الأشعري لأنها غير مكلفة والخبر تمثيل لشدة التقصي في الحساب.
وقال الأسفراييني يقتص منها بما تفعله في الدنيا، ورد بأنها ليست بمكلفة فهي في المشيئة يفعل بها ما أراد انتهى.