والوجه الثاني من القراءة الأولى قول الحسن ما قتل نبي في حرب قطّ، وقيل قتل فارغ من الضمير مسند إلى ربيون، والربّيون بكسر الراء قراءة الجمهور، وقرأ علي بضمها وابن عباس بفتحها، قال ابن جني والفتح لغة تميم وواحدة ربي منسوب إلى الرب، والربي بضمم الراء وكسرها منسوب إلى الربة بكسر الراء وضمها وهي الجماعة ولهذا فسرهم جماعة من السلف بالجماعات الكثيرة، وقيل هم الأتباع.
قال الخليل الربيّ الواحد من العباد الذين صبروا مع الأنبياء وهم الربانيون نسبوا إلى التأله والعبادة ومعرفة الربوبية، وقال الزجاج الربيون بالضم الجماعات، وقال النقاش هم المكثرون العلم من قولهم ربا يربو إذا كثر، وقال ابن مسعود ربيون ألوف، عن الضحاك الربة الواحدة ألف، وعن ابن عباس قال جموع وعلماء.
(كثير) والمعنى أن كثيراً من الأنبياء قتلوا (فما وهنوا) قرىء بفتح الهاء وبكسرها وهما لغتان والوهن انكسار الجسد بالخوف وهن الشيء يهن وهناً كوعد يعد، ووهن يوهن كوجل يوجل ضعف أي ما جبنوا عن الجهاد (لما أصابهم) أي نالهم (في سبيل الله) من ألم الجروح وقتل الأنبياء والأصحاب والقروح (وما ضعفوا) أي عن عدوهم بل استمروا على جهادهم، لأن الذي أصابهم هو في سبيل الله وطاعته وإقامة دينه ونصرة نبيه، فكان ينبغي لكم يا أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أن تفعلوا مثل ذلك، قرىء ضعفوا بضم العين وفتحها وحكاها الكسائي لغة.
(وما استكانوا) لما أصابهم في الجهاد والاستكانة الذلة والخضوع، وقال ابن عباس الخشوع، وعبارة السمين فيه ثلاثة أقوال (أحدها) أنه استفعل من الكون والكون والذل وأصله ستكون، وقال الزهري وأبو علي: الأصل استكين وقال الفراء: وزنه افتعل من السكون انتهى، وفي هذا توبيخ لمن انهزم يوم