(قل إن الأمر كله لله) وليس لكم ولا لغيركم منه شيء فالنصر بيده والظفر منه (يخفون) أي يضمرون (في أنفسهم) ويقولون فيما بينهم بطريق الخفية (ما لا يبدون لك) من الكفر والشرك والشك في وعد الله، وقيل يخفون الندم على خروجهم مع المسلمين، وقيل النفاق، بل يسألونك سؤال المسترشدين. والجملة حال.
(يقولون لو كان لنا من الأمر شيء) استئناف على وجه البيان له، أو بدل من يخفون والأول أجود كما في الكشاف (ما قتلنا ههنا) أي ما قتل من قتل منا في هذه المعركة، فرد الله سبحانه ذلك عليهم بقوله (قل لو كنتم) قاعدين (في بيوتكم) بالمدينة كما تقولون (لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم) أي لم يكن بد من خروج من كتب عليه القتل في اللوح المحفوظ بسبب من الأسباب الداعية إلى البروز إلى هذه المصارع التي صرعوا فيها فإن قضاء الله لا يردّ وحكمه لا يعقب.
وفيه مبالغة في رد مقالتهم الباطلة حيث لم يقتصر على تحقيق نفس القتل بل عين مكانه أيضاً، ولا ريب في تعين زمانه أيضاً لقوله (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة).
(وليبتلي الله) علة لفعل مقدر قبلها معطوفة على علل لها أخرى مطوية للإيذان بكثرتها كأنه قيل فعل ما فعل لصالح جمة وليبتلي أي ليمتحن (ما في صدوركم) أي قلوبكم من الإخلاص والنفاق (وليمحص) أي يميز (ما في قلوبكم) من وساوس الشيطان (والله عليم بذات الصدور) يعني بالأشياء الموجودة في الصدور وهي الأسرار والضمائر الخفية التي لا تكاد تفارق الصدور، بل تلازمها وتصاحبها لأنه عالم بجميع المعلومات.