وليال عشر هي عشر ذي الحجة في قول جمهور المفسرين، وإنما نكرت ولم تعرف لفضيلتها على غيرها لأنها أفضل ليالي السنة، ولو عرفت لم تستقل بمعنى الفضيلة الذي في التنكير، فنكرت من بين ما أقسم به للفضيلة التي ليست لغيرها، وقال الضحاك أنها العشر الأواخر من رمضان، وقيل العشر الأول من المحرم إلى عاشرها يوم عاشوراء.
قرأ الجمهور ليال بالتنوين وعشر صفة لها، وقرأ ابن عباس بالإضافة قيل والمراد ليالي أيام عشر، وكان حقه على هذا أن يقال عشرة لأن المعدود مذكر، وأجيب عنه بأنه إذا حذف المعدود جاز الوجهان.
وعن جابر مرفوعاً " هي ليالي العشر من ذي الحجة "(١)، أخرجه أحمد والنسائي والحاكم وصححه والبيهقي وغيرهم، وعن طلحة بن عبد الله أنه دخل على ابن عمر هو وأبو سلمة بن عبد الرحمن فدعاهم ابن عمر إلى الغداء يوم عرفة فقال أبو سلمة أليس هذه الليالي العشر التي ذكرها الله تعالى في القرآن؟ فقال ابن عمر وما يدريك قال ما أشك، قال بلى فاشكك.
وقد ورد في فضل هذه العشر أحاديث، وليس فيها ما يدل على أنها المرادة بما في القرآن هنا بوجه من الوجوه، قال ابن عباس هي العشر الأواخر من رمضان.
(١) المراد بها عشر ذي الحجة، كما قاله ابن عباس، وابن الزبير، ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف، قال: وقد ثبت في " صحيح البخاري " عن ابن عباس مرفوعاً: " ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام " يعني عشر ذي الحجة، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: " ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلاً خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء ".