إثبات الياء لأنها لام الفعل المضارع المرفوع ولم تحذف لعلة من العلل إلا لاتباع رسم المصحف وموافقة رؤوس الآي إجراء للفواصل مجرى القوافي.
ومعنى (والليل إذا يسر) إذا يمضي كقوله (والليل إذ أدبر)، (والليل إذا عسعس) وقيل معنى يسر يسار فيه كما يقال ليل نائم ونهار صائم وبهذا قال الأخفش والقتيبي وغيرهما من أهل المعاني، وعلى هذا نسبة السري إلى الليل مجاز والمراد يسرى فيه فهو مجاز في الإسناد بإسناد ما للشيء للزمان كما يسند للمكان، والظاهر أنه مجاز مرسل أو استعارة، وبالأول قال جمهور المفسرين.
وقال قتادة وأبو العالية (والليل إذا يسر) أي جاء وأقبل، وقال النخعي أي استوى، قال عكرمة وقتادة والكلبي ومحمد بن كعب هي ليلة المزدلفة خاصة لاختصاصها باجتماع الناس فيها لطاعة الله سبحانه، وقيل ليلة القدر لسراية الرحمة فيها واختصاصها بزيادة الثواب، والراجح عدم تخصيص ليلة من الليالي دون أخرى.
قال ابن عباس (إذا يسر) إذا ذهب، ويسر مأخوذ من السري وهو خاص بسير الليل، يقال سريت الليل وسريت به، وقد استعملت العرب سرى في المعاني تشبيهاً لها بالأجسام مجازاً، واتساعاً نحو طاف الخيال وذهب الهم وأخذه الكسل والنشاط.
وقول الفقهاء سرى الجرح إلى النفس معناه دام ألمه حتى حدث منه الموت، وقطع كفه فسرى إلى ساعده أي تعدى أثر الجرح، وسرى التحريم وسرى العتق بمعنى التعدية. وهذه الألفاظ جارية على ألسنة الفقهاء، وليس لها ذكر في الكتب المشهورة لكنها موافقة لما تقدم.
قال الفارابي سرى فيه السم والخمر ونحوهما، وقال السرقسطي سرى عرق السوء من الإنسان، وقال ابن القطاع سرى عليه الهم أتاه ليلاً، وسرى همه ذهب.