ورسوله لغنيّان عنها ولكن الله جعلها رحمة لأمتي، فمن استشار من أمتي لم يعدم رشداً، ومن تركها لم يعدم غيّاً.
وعنه في الآية قال هم أبو بكر وعمر، وقال الحسن قد علم الله أن ما به إلى مشاورتهم حاجة، ولكن أراد أن يستنّ به من بعده من أمته.
وقيل أمره بها ليعلم مقادير عقولهم وأفهامهم لا ليستفيد منهم رأياً، وروى البغوي بسنده عن عائشة أنها قالت ما رأيت رجلاً أكثر استشارة للرجال من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وللاستشارة فوائد كثيرة ذكرها بعض المفسرين لا نطول بذكرها، ويغني عنها أمر الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - بها، ولنعم ما قيل في ذلك.
وشاور إذا شاورت كل مهذب ... لبيب أخي حزم لترشد في الأمر
ولا تك ممن يستبد برأيه ... فتعجز أو لا تستريح من الفكر
ألم تر أن الله قال لعبده ... وشاورهمو في الأمر حتماً بلا نكر
(فإذا عزمت) على إمضاء ما تريد عقب المشاورة على شيء واطمأنت به نفسك (فتوكل على الله) في فعل ذلك أي اعتمد عليه وفوض إليه، وقيل إن المعنى فإذا عزمت على أمر أن تمضي فيه فتوكل على الله وثق به لا على المشاورة، والعزم في الأصل قصد الإمضاء أي فإذا قصدت إمضاء أمر فتوكل على الله.
وفيه إشارة إلى أن التوكل ليس هو إهمال التدبير بالكلية وإلا لكان الأمر بالمشاورة منافياً للأمر بالتوكل بل هو مراعاة الأسباب الظاهرة، مع تفويض الأمر إلى الله، والاعتماد عليه بالقلب.
عن علي قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن العزم قال مشاورة أهل الرأي ثم اتّباعهم، أخرجه ابن مردويه (إن الله يحب المتوكلين) عليه في جميع أمورهم.