أصحابه، فمعنى القراءة بالبناء للفاعل. ما صح لنبي أن يخون شيئاً من المغنم فيأخذه لنفسه من غير اطلاع أصحابه، وفيه تنزيه الأنبياء عن الغلول.
ومعناه على القراءة بالبناء للمفعول ما صح لنبي أن يغله أحد من أصحابه أي يخونه في الغنيمة، وهو على هذه القراءة الأخرى نهي للناس عن الغلول في المغانم، وإنما خص خيانة الأنبياء مع كون خيانة غيرهم من الأئمة والسلاطين والأمراء حراماً لأن خيانة الأنبياء أشد ذنباً وأعظم وزراً.
(ومن يغلل يأت بما غل) أي يأت به حاملاً له على ظهوه (يوم القيامة) كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيفضحه بين الخلائق، وهذه الجملة تتضمن تأكيد تحريم الغلول والتنفير منه بأنه ذنب يختص فاعله بعقوبة على رؤس الأشهاد يطلع عليها أهل الحشر، وهي مجيئه يوم القيامة بما غل حاملاً له قبل أن يحاسب عليه ويعاقب به.
(ثم توفى كل نفس) جزاء (ما كسبت) وافياً من خير أو شر، وهذه الآية تعم كل من كسب خيراً أو شرا، ويدخل تحتها الغالّ دخولاً أولياً لكون السياق فيه، فكأنه ذكر مرتين.
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية في قطيفة حمراء افتقدت يوم بدر، فقال بعض الناس لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها فنزلت (وهم لا يظلمون) بل يعدل بينهم في الجزاء فيجازى كل على عمله، وقد وردت أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما في ذم الغلول ووعيد الغال (١).