ويشهد له أيضاًً ما أخرجه ابن مردويه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إنما هما نجد الخير ونجد الشر، فلا يكن نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير ".
قال الشهاب لا يخفى أنه ذكره في سياق الامتنان والمراد الامتنان عليه بأن هداه وبين له الطريق فسلكها تارة وعدل عنها أخرى، فلا امتنان عليه بالشر ولذا جعله الإمام بمعنى قوله تعالى:(إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً) ووصف مكان الخير بالرفعة والنجدية ظاهر بخلاف الشر فإنه هبوط من ذروة الفطرة إلى حضيض الشقوة فهو على سبيل التغليب أو على توهم المخيلة أن فيه صعوداً فتدبر انتهى.
قلت الامتنان بالهداية إلى سبيل الشر يصح بمعنى أن الله عرف الإنسان طريق الشر ليجتنبه وطريق الخير ليسلكه، ولو لم يعرفه سبيل الشر لما اجتنبه، والأشياء تعرف بأضدادها، فالامتنان بهدايته إليه ثابت عقلاً. والمعنى بينا ووضحنا له أن سلوك الأول ينجي وأن سلوك الثاني يردي. وأن سلوك الأول ممدوح وأن سلوك الثاني مذموم، فالذي ذكره الشهاب تدفعه الأحاديث المرفوعة المتقدم ذكرها.