فألهمها عرفها طريق الخير والشر كما قال:(وهديناه النجدين).
قال محمد بن كعب: إذا أراد الله بعبده خيراً ألهمه الخير فعمل به، وإذا أراد به الشر ألهمه الشر فعمل به، قال ابن زيد جعل فيها ذلك بتوفيقه إياها للتقوى وخذلانه إياها للفجور، واختار هذا الزجاج، وحمل الإلهام على التوفيق والخذلان.
قال الواحدي: وهذا هو الوجه لتفسير الإلهام فإن التبيين والتعليم والتعريف دون الإلهام، والإلهام أن يوقع في قلبه ويجعل فيه، وإذا أوقع الله في قلب عبد شيئاًً فقد ألزمه ذلك الشيء قال: وهذا صريح في أن الله خلق في المؤمن تقواه، وفي الكافر فجوره، قال ابن عباس: في الآية علمها الطاعة والمعصية، وعنه قال ألهمها من الخير والشر وعنه قال: ألزمها فجورها وتقواها.
وأخرج أحمد وعبد بن حميد ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عمران بن حصين أن رجلاً قال:" يا رسول الله أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه شيء قد قضي عليهم ومضى في قدر قد سبق أو فيما يستقبلون مما أتاهم به نبيهم واتخذت عليهم به الحجة قال بل شيء قد قضي عليهم، قال فلم يعملون إذن؟ قال من كان الله خلقه لواحدة من المنزلتين يهيئه لعملها، وتصديق ذلك في كتاب الله (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) وسيأتي في السورة التي بعد هذه نحو هذا الحديث.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي عن زيد بن أرقم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " اللهم آت نفسي تقواها، " وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها " وأخرجه ابن المنذر والطبراني وابن مردويه من حديث ابن عباس، وزاد كان إذا تلا هذه الآية (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) قال فذكره وزاد أيضاًً وهو في الصلاة، وأخرج حديث زيد بن أرقم مسلم أيضاًً وأخرج نحوه أحمد من حديث عائشة.