والنطق والعقل، والتمييز والأدب، فهو أحسن الخلق بحسب الظاهر والباطن، ومعنى التقويم التعديل يقال قومته فاستقام والمراد القوام لأن التقويم فعل الباري تعالى.
قال القرطبي هو اعتداله واستواء شأنه، كذا قال عامة المفسرين، قال ابن العربي: ليس لله تعالى خلق أحسن من الإنسان فإن الله خلقه حياً عالماً قادراً مريداً متكلماً سميعاً بصيراً مدبراً حكيماً، وهذه صفات الرب سبحانه وعليها حمل بعض العلماء قوله صلى الله عليه وآله وسلم " إن الله خلق آدم على صورته " يعني على صفاته التي تقدم ذكرها.
قلت وينبغي أن يضم إلى كلامه هذا قوله سبحانه (ليس كمثله شيء) وقوله (ولا يحيطون به علماً).
ومن أراد أن يقف على حقيقة ما اشتمل عليه الإنسان من بديع الخلق وعجيب الصنع فلينظر في كتاب العبر والإعتبار للجاحظ، وفي الكتاب الذي عنده النيسابوري على قوله (وفي أنفسكم أفلا تبصرون) وهو في مجلدين ضخمين.
روي أن رجلاً قال لامرأته إن لم تكوني أحسن من القمر فأنت طالق فأفتى بعض أهل العلم بأنها صارت مطلقة، وقال الشافعي لم تطلق لأنها من جنس الإنسان، والله تعالى يقول (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) فلو كان القمر أحسن صورة من الإنسان لم يصفه الله سبحانه بأحسن تقويم، ولنعم ما قيل:
ما أنت مادحها يا من يشبهها ... بالشمس والبدر لا بل أنت هاجيها (١)
من أين للشمس خال فوق وجنتها ... ومضحك من نظام الدر في فيها
من أين للبدر أجفان مكحلة ... بالسحر والغنج تجري في حواشيها
(١) البيت من شواهد الفراء (٣٧١)، وهو في الطبري ٣٠/ ٢٤١، والقرطبي ٢٠/ ١١٣.