التداخل، ويجوز أن يكون من فاعل يعبدوا، والمعنى مائلين عن الأديان كلها إلى دين الإسلام وقيل متبعين ملة إبراهيم، وقيل حجاجاً، وقيل مختونين محرمين لنكاح المحارم، وقيل الحنيف الذي آمن بجميع الأنبياء والرسل، ولا يفرق بين أحد منهم، والأول أولى.
وأصل الحنف في اللغة الميل وخصه العرف بالميل إلى الخير، وسموا الميل إلى الشر إلحاداً.
والحنيف المطلق هو الذي يكون متبرئاً عن أصول الملل الخمسة اليهود والنصارى والصابئين والمجوس والمشركين، وعن فروعها من جميع النحل إلى الاعتقادات، وعن توابعها من الخطأ والنسيان إلى العمل الصالح، وهو مقام التقى، وعن المكروهات إلى المستحبات، وهو المقام الأول من الورع، وعن الفضول شفقة على خلق الله وهو ما لا يعني إلى ما يعني وهو المقام الثاني من الورع، وعما يجر إلى الفضول وهو مقام الزهد فالآية جامعة لمقامي الإخلاص الناظر أحدهما إلى الحق، والثاني إلى الخلق.
(ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة) أي يفعلوا الصلوات في أوقاتها ويعطوا الزكاة عند محلها، وخص الصلاة والزكاة لأنهما من أعظم أركان الدين، قيل إن أريد بالصلاة والزكاة ما في شريعة أهل الكتاب من الصلاة والزكاة فالأمر ظاهر، وإن أريد ما في شريعتنا فمعنى أمرهم بهما في الكتابين أمرهم باتباع شريعتنا وهما من جملة ما وقع الأمر به فيها.
(وذلك) المذكور من عبادة الله وإخلاصها وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة (دين القيمة) أي دين الملة المستقيمة والشريعة المتبوعة، قاله الزجاج، فالقيمة صفة لموصوف محذوف، قال الخليل القيمة جمع القيم، والقيم القائم.
قال الفراء أضاف الدين إلى القيمة وهو نعته لاختلاف اللفظين، وأنث القيمة رداً إلى الملة، وقال الفراء أيضاًً هو من إضافة الشيء إلى نفسه،