⦗٣٧١⦘ ١١/ ١٩٧: وقوله في الحديث: " مغبون فيهما كثير من الناس " كقوله تعالى: (وقليل من عبادي الشكور) فالكثير في الحديث في مقابلة القليل في الآية، ونقل عن ابن بطال أن معنى الحديث: أن المرء لا يكون فارغاً حتى يكون مكفياً صحيح البدن، فمن حصل له ذلك، فليحرص على أن لا يغبن بأن يترك شكر الله على ما أنعم به عليه، ومن شكره امتثال أوامره واجتناب نواهيه، فمن فرط في ذلك فهو المغبون. قال ابن حجر: وأشار بقوله: " كثير من الناس " إلى أن الذي يوفق لذلك قليل. ونقل عن ابن الجوزي قوله: قد يكون الإنسان صحيحاً ولا يكون متفرغاً لشغله بالمعاش، وقد يكون مستغنياً ولا يكون صحيحاً، فإذا اجتمعا فغلب عليه الكسل عن الطاعة فهو المغبون، وتمام ذلك أن الدنيا مزرعة الآخرة، وفيها التجارة التي يظهر ربحها في الآخرة، فمن استعمل فراغه وصحته في طاعة الله فهو المغبوط، ومن استعملها في معصية الله فهو المغبون، لأن الفراغ يعقبه الشغل، والصحة يعقبها السقم.