وقيل المعنى لكم جزاؤكم ولي جزائي، لأن الدين الجزاء.
قيل وهذه الآية منسوخة بآية السيف، وقيل ليست بمنسوخة لأنها إخبار، والإخبار لا يدخلها النسخ، وقيل السورة كلها منسوخة.
وقال القاضي:(ولي ديني) الذي أنا عليه لا أرفضه، فليس فيه إذن في الكفر، ولا منع عن الجهاد فلا يكون منسوخاً بآية القتال، وقد فسر الدين بالحساب والجزاء والعبادة.
وقال الحافظ بن القيم في البدائع: وقد غلط في السورة خلائق وظنوا أنها منسوخة بآية السيف لاعتقادهم أن هذه الآية اقتضت التقرير لهم على دينهم، وظن آخرون أنها خصوصة بمن يقرون على دينهم وهم أهل الكتاب، وكلا القولين غلط محض فلا نسخ في السورة ولا تخصيص، بل هي محكمة عمومها نص محفوظ، وهي من السور التي يستحيل دخول النسخ فيها.
وهذه السورة أخلصت للتوحيد، ولهذا تسمى سورة الإخلاص، والآية اقتضت البراءة المحضة وإن ما أنتم عليه من الدين لا أوافقكم عليه فإنه دين باطل، فهو مختص بكم لا نشرككم فيه، ولا تشركوننا في ديننا الحق، فهذا غاية البراءة والتنصل من موافقتهم في دينهم، فأين الإقرار حتى يدعى النسخ والتخصيص؟ أفترى إذا جوهدوا بالسيف كما جوهدوا بالحجة لا يصح أن يقال لهم لكم دينكم ولي دين.
بل هذه الآية قائمة محكمة ثابتة بين المؤمنين والكافرين إلى أن يطهر الله منهم بلاده وعباده وكذلك حكم هذه البراءة بين أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أهل سنته وبين أهل البدع المخالفين لما جاء به الداعين إلى غير سنته إذ قال لهم خلفاء الرسول وذريته لكم دينكم ولنا ديننا هذا فلا يقتضي إقرارهم على بدعهم بل يقولون لهم هذا براءة منها وهم مع ذلك منتصبون للرد عليهم ولجهادهم بحسب الإمكان انتهى حاصله.