للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فهو من الطاقة وليس من التطويق.

وقيل المعنى أنهم يلزمون أعمالهم كما يلزم الطوق العنق، يقال طوّق فلان عمله طوق الحمامة أي ألزم جزاء عمله.

قال القرطبي: البخل في أصل اللغة أن يمنع الإنسان الحق الواجب، فأما من منع ما لا يجب عليه فليس ببخيل، قال في القاموس البخل ضد الكرم.

وقد ذكر الشوكاني في شرحه للمنتقى عند قوله - صلى الله عليه وسلم - اللهم إني أعوذ بك من البخل أنه قيده بحضهم بما يجب إخراجه، ثم قال: ولا وجه له لأن البخل بما ليس بواجب من غرائز النقص المضادة للكمال، والتعوذ منه حسن بلا شك، فالأولى تبقية الحديث على عمومه انتهى، فمعنى البخل عام لا كما ذكره القرطبي.

وأما في الآية فهو للواجب ولكن عبارته تفيد التعميم والله أعلم، قال ابن عباس: هم أهل الكتاب بخلوا به أن يبثوه للناس، وعن مجاهد قال: هم اليهود، وعن السدي: قال بخلوا أن ينفقوها في سبيل الله ولم يؤدوا زكاتها.

(يوم القيامة) بأن يجعل حية في عنقه تنهشه كما أخرج البخارى عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مثّل له ماله شجاعاً أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة فيأخذ بلهزمتيه يعنى بشدقيه فيقول أنا مالك أنا كنزك " ثم تلا هذه الآية، وقد ورد هذا المعنى في أحاديث كثيرة عن جماعة من الصحابة يرفعونها (١).


(١) أخرجه أحمد في " المسند " رقم ٣٥٧٧، والترمذي، وابن خزيمة، وابن ماجة ج/١/ ٥٦٧، ولفظه: ⦗٣٨٨⦘
" ما من أحد يؤدي زكاة ماله، إلا مُثّل له يوم القيامة شجاعاً أقرع حتى يطوق عنقه "، ثم قرأ علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مصداقه من كتاب الله: (ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله) الآية.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وروى البخاري ج/٨/ ٢٧٣، ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته، مثل له ماله شجاعاً أقرع له زبيتان، يطوقه يوم القيامة، يأخذ بلهزمتيه -يعني شدقيه- يقول: أنا مالك، أنا كنزك، ثم تلا هذه الآية: (ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله) إلى آخر الآية.
الشجاع: الحية الذكر، وهو ضرب من الحيات، خبيث مارد. وأقرع: صفة من صفات الحيات الخبيثة، يزعمون أنه إذا طال عمر الحية، وكثر سمه، جمعه في رأسه حتى تتمعط منه فروة رأسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>