للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا هو الفوز الحقيقي الذي لا فوز يقاربه. فإن كل فوز وإن كان بجميع المطالب دون الجنة ليس بشيء بالنسبة إليها إلا رؤية الله سبحانه وتعالى فهو أفضل نعيم الآخرة في الجنة، اللهم لا فوز إلا فوز الآخرة ولا عيش إلا عيشها ولا نعيم إلا نعيمها فاغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وارض عنا رضاً لا سخط بعده، واجمع لنا بين الرضا منك علينا والجنة.

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها، إقرؤوا إن شئتم (فمن زحزح عن النار إلى قوله الغرور) أخرجه الترمذي والحاكم وصححاه وغيرهما (١).

(وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) المتاع كل ما يتمتع به الإنسان وينتفع به ثم يزول ولا يبقى كذا قال أكثر المفسرين، وقيل المتاع كالفاس والقدر والقصعة ونحوها، والأول أولى، والغرور إما مصدر أو جمع غار، وقيل ما يغر الإنسان مما لا يدوم وقيل الباطل، والغرور الشيطان يغر الناس بالأماني الباطلة والمواعيد الكاذبة.

شبّه سبحانه الدنيا بالمتاع الذي يدلّس به على من يريده وله ظاهر محبوب، وباطن مكروه، قيل متاع متروك يوشك أن يضمحل ويزول فخذوا من هذا المتاع واعملوا فيه بطاعة الله ما استطعتم، قال سعيد بن جبير: هي متاع الغرور لمن لم يشتغل بطلب الآخرة فأما من اشتغل بطلبها فهي له متاع وبلاغ إلى ما هو خير منها.


(١) روى ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها، اقرؤوا إن شئتم: (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز) ورواه أحمد في " المسند "، والترمذي، والحاكم في " المستدرك " وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي.
وروى الإمام أحمد في " المسند " رقم ٦٨٠٧، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من أحب أن يزحزح عن النار، ويدخل الجنة، فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ويأتي إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه ". ورواه الإمام مسلم بأطول منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>