قال الحسن وقتادة: إن الآية عامة لكل عالم، وكذا قال محمد بن كعب، ويدل على ذلك قول أبي هريرة لولا ما أخذه الله على أهل الكتاب ما حدّثتكم بشيء، ثم تلا هذه الآية.
والضمير في قوله (لتبيّننّه) راجع إلى الكتاب وقيل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإن لم يتقدم له ذكر لأنّ الله أخذ على اليهود والنصارى أن يبينوا نبوته، وهذا جواب لما تضمنه الميثاق من القسم كأنه قيل لهم بالله لتبيننه، وقرىء بالياء جرياً على الإسم الظاهر، وهو كالغائب وبالتاء خطاباً على الحكاية تقديره وقلنا لهم.
(للناس ولا تكتمونه) أي الكتاب بالياء والتاء والواو للحال أو للعطف، والنهي عن الكتمان بعد الأمر بالبيان إما للمبالغة في إيجاب الأمور به، وإما لأن المراد بالبيان ذكر الآيات الناطقة بنبوته، وبالكتمان القاء التأويلات الزائغة والشّبه الباطلة.
(فنبذوه) أي الكتاب أو الميثاق، وقرأ ابن عباس:(وإذ أخذ الله ميثاق النّبيين لتبينه)، ويشكل على هذه القراءة قوله (فنبذوه) فلا بد أن يكون فاعله الناس والنّبذ الطرح وقد تقدم في البقرة.
وقوله (وراء ظهورهم) مبالغة في النبذ والطرح وترك العمل وضياعه، ومثّل في الاستهانة به والأعراض عنه بالكلية (واشتروا به) أي بالكتاب الذي أمروا ببيانه ونهوا عن كتمانه (ثمناً قليلا) أي حقيراً يسيراً من حطام الدنيا وأعراضها والمآكل، والرّشا التي كانوا يأخذونها من عوامهم وسفلتهم برياستهم في العلم فكتموه خوف فوته عليهم (فبئس ما يشترون) أي بئس شيئاً ما يشترونه بذلك الثمن.