للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(ورابطوا) أي أقيموا في الثغور مرابطين خيلكم فيها كما يربطها أعداؤكم، وهذا قول جمهور المفسرين، وعن محمد بن كعب القرظي قال: اصبروا على دينكم وصابروا الوعد الذي وعدتكم، ورابطوا عدوي وعدوكم.

وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: هذه الآية في انتظار الصلاة بعد الصلاة، ولم يكن في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزو يرابط فيه، والرباط اللغوي هو الأول، ولا ينافيه تسميته - صلى الله عليه وسلم - لغيره رباطاً، ويمكن إطلاق الرباط على المعنى الأول وعلى انتظار الصلاة، قال الخليل: الرباط ملازمة الثغور ومواظبة الصلاة، وهكذا قال وهو من أئمة اللغة.

وحكى ابن فارس عن الشيباني أنه قال: يقال ماء مترابط دائم لا يبرح، وهو يقتضي تعدية الرباط إلى غير ارتباط الخيل في الثغور، قال الخازن كل مقيم بثغر يدفع عمن وراءه وإن لم يكن له مركوب مربوط.

وعن أبي هريرة: قال أما إنه لم يكن في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم غزو يرابطون فيه، ولكنها نزلت في قوم يعمرون المساجد يصلون الصلوات في مواقيتها ثم يذكرون الله فيها.

وقد ثبت في الصحيح وغيره من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم " ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط (١) ".

وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل الرباط، وفيها التصريح بأنه الرباط في سبيل الله، وهو يرد ما قاله أبو سلمة بن عبد الرحمن فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ندب إلى الرباط في سبيل الله وهو الجهاد، فيحمل ما في الآية عليه.


(١) مسلم ٢٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>