وقيل التقدير: واتقوا قطع مودّة الأرحام فإنّ قطع الرحم من أكبر الكبائر، وصلة الأرحام باب لكل خير فتزيد في العمر وتبارك في الرزق، وقطعها سبب لكل شر، ولذلك وصل تقوى الرحم بتقوى الله.
وصلة الرحم تختلف باختلاف الناس فتارة يكون عادته مع رحمه الصلة بالإحسان، وتارة بالخدمة وقضاء الحاجة، وتارة بالمكاتبة، وتارة بحسن العبارة وغير ذلك.
وقرىء بالرفع على الإبتداء والخبر مقدر أي والأرحام صلوها أو والأرحام أهل أن توصل، أو والأرحام كذلك أي مما يتقى أو يتساءل به، وقيل إن الرفع على الإغراء عند من يرفع به، وجوّز الواحدى نصبه على الإغراء.
والأرحام اسم لجميع الأقارب من غير فرق بين المحرم وغيره، لا خلاف في هذا بين أهل الشرع واللغة، وقد خصص الإمام أبو حنيفة الرحم بالحرم في منع الرجوع في الهبة مع موافقته على أن معناها أعم، ولا وجه لهذا التخصيص.
قال القرطبي: اتفقت الملة على أن صلة الرحم واجبة وأن قطيعتها محرّمة انتهى، وقد وردت بذلك الأحاديث الكثيرة الصحيحة، روى الشيخان عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله "(١) وإنما استعير اسم الرحم للقرابة لأن الأقارب يتراحمون ويعطف بعضهم على بعض.
(إن الله كان عليكم رقيباً) حافظاً يعلم السر وأخفى، والرقيب المراقب، وهي صيغة مبالغة من رقب يرقب رقباً ورقوباً ورقباناً إذا أحدّ النظر لأمر يريد تحقيقه.