عن ماله، وإن كان فقيراً كان الإنفاق عليه بقدر ما يحصل له، وهذا القول في غاية السقوط.
وعن ابن عباس قال: إن كان فقيراً أخذ من فضل اللبن وأخذ من فضل القوت ولا يجاوزه وما يستر عورته من الثياب، فإن أيسر قضاه وإن أعسر فهو في حل.
أخرج البيهقي وغيره عن عمر بن الخطاب أنه قال: إني أنزلت نفسي من مال الله منزلة ولي اليتيم إن استغنيت استعففت وإن احتجت أخذت منه بالمعروف، فإذا أيسرت قضيت.
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن أبي حاتم عن ابن عمر أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال ليس لي مال ولي يتيم فقال: كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبذر ولا متأثّل مالاً ومن غير أن تقي مالك بماله (١).
(فإذا) حصل مقتضى الدفع و (دفعتم إليهم أموالهم) بعد رعاية الشرائط المذكورة: (فأشهدوا عليهم) أنهم قد قبضوها منكم لتندفع عنكم التهم، وتأمنوا عاقبة الدعاوى الصادرة منهم، وقيل إن الإشهاد المشروع هو على ما أنفقه عليهم الأولياء قبل رشدهم، وقيل هو على رد ما استقرضه إلى أموالهم.
وظاهر النظم القرآني مشروعية الإشهاد على ما دفع إليهم من أموالهم، وهو يعمّ الإنفاق قبل الرشد والدفع للجميع إليهم بعد الرشد، وهذا أمر إرشاد وليس للوجوب (وكفى بالله حسيباً) لأعمالكم شاهداً عليكم في كل شيء تعملونه، ومن جملة ذلك معاملتكم اليتامى في أموالهم، وفيه وعيد عظيم، والباء زائدة أي كفى الله، قال أبو البقاء: زيدت لتدل على معنى الأمر إذ التقدير اكتف بالله، وهذا القول سبقه إليه مكي والزجاج.