يحل لكم معاشر السلمين أن ترثوا النساء كرهاً كما كانت تفعله الجاهلية، ولا يحل لكم معاشر المسلمين أن تعضلوا أزواجكم أي تحبسوهن عندكم مع عدم رغبتكم فيهنّ، بل لقصد أن تذهبوا ببعض ما آتيتموهن من المهور يفتدين به من الحبس والبقاء تحتكم وفي عندتكم مع كراهتكم لهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة فحينئذ يجوز لكم مخالعتهن ببعض ما آتيتموهن (١).
والإستثناء من أعم الأحوال والأوقات أو من أعم العلل أي لا يحل لكم عضلهن في حال أو وقت أو لعلة إلا في حال أو وقت أو لأجل إتيانهنّ بها فإن السبب حينئذ يكون من جهتهن وأنتم معذورون في طلب الخلع.
وقال الكرخي: الاستثناء متصل وعليه جرى القاضي كالكشاف وهو استثناء من زمان عام أو من علة عامة، وهذا أولى لأن الأول يحتاج إلى حذف زمان مضاف، وقيل منقطع واختاره الكواشي كأبي البقاء.
والمبيّنة قرىء بفتح الياء وكسرها أي بينت بيّنها من يدعيها وأوضحها وأظهرها أو هي بينة أي الزنا والنشوز، وقرأ ابن عباس: بكسر الموحدة من أبان الشيء فهو مبين.
(وعاشروهن بالمعروف) أي بما هو معروف في هذه الشريعة وبين أهلها من حسن المعاشرة والإجمال في القول والنفقة والمبيت، وهو خطاب
(١) اختار الإمام أبو جعفر الطبري في " تفسيره " ٨/ ١١٣ قول من قال. نهى الله جل ثناؤه زوج المرأة عن التضييق عليها، والإضرار بها، وهو لصحبتها كاره ولفراقها محب، لتفتدي منه ببعض ما آتاها من الصداق. وإنما قلنا: ذلك أولى بالصحة، لأنه لا سبيل لأحد إلى عضل امرأة إلا لأحد رجلين: إما لزوجها بالتضييق عليها، وحبسها على نفسه وهو لها كاره، مضارة منه لها بذلك، ليأخذ منها ما آتاها بافتدائها منه نفسها بذلك، أو لوليها الذي إليه إنكاحها، وإذا كان لا سبيل إلا عضلها لأحد غيرهما، وكان الولي معلوماً أنه ليس مما آتاها شيئاً، فيقال إن عضلها عن النكاح: " عضلها ليذهب ببعض ما آتاها " كان معلوماً أن الذي عنى الله تبارك وتعالى بنهيه عن عضلها، هو زوجها الذي له السبيل إلى عضلها ضراراً لتفتدي منه.