من الروافض، ولا اعتبار بأقوالهم، وقد أتعب نفسه بعض المتأخرين بتكثير الكلام على هذه المسئلة وتقوية ما قاله المجوزون لها، وليس هذا المقام مقام بيان بطلان كلامه، وقد طوّل الشوكاني البحث ودفع الشبهة الباطلة التي تمسك بها المجوزون لها في شرحه للمنتقى فليرجع إليه.
وقال ابن العربي: وأما متعة النساء فهي من غرائب الشريعة لأنها أبيحت في صدر الإسلام ثم حرمت يوم خيبر ثم أبيحت في غزوة أوطاس ثم حرمت بعد ذلك، واستقر الأمر على التحريم، وليس لها أخت في الشريعة إلا مسئلة القبلة، فإن النسخ طرأ عليها مرتين ثم استقرت حكاه القرطبي عنه.
(فآتوهن أجورهن) أي مهورهن التي فرضتم لهن، وإنما سمي المهر أجراً لأنه بدل عن المنفعة لا عن العين (فريضة) أي مفروضة مسماة، وقد كمل بهذا الوصف ما قبله ودخل به على ما بعده فهي مصدر مؤكد أو حال من أجورهن.
(ولا جناح عليكم) ولا عليهن (فيما تراضيتم به) أنتم وهن (من بعد الفريضة) أي من زيادة ونقصان في المهر، فإن ذلك سائغ عند التراضي.
هذا عند من قال إن الآية في النكاح الشرعي، وأما عند الجمهور القائلين بأنها في المتعة فالمعنى التراضي في زيادة مدة المتعة أو نقصانها أو في زيادة ما دفعه إليها إلى مقابل الاستمتاع بها أو نقصانه، وقيل ما تراضيتم به من الإبراء من المهر والافتداء والاعتياض، وقال الزجاج: معناه لا جناح عليكم أن تهب المرأة للزوج مهرها وأن يهب الرجل للمرأة التي لم يدخل بها نصف المهر الذي لا يجب عليه.
(إن الله كان عليماً) بما يصلحكم في مناكحكم وغيرها من سائر أموالكم أو عليماً بالأشياء قبل خلقها (حكيماً) فيما دبر لكم من التدبير وفيما يأمركم وينهاكم عنه ولا يدخل حكمه خلل ولا زلل أو فيما فرض لكم من عقد النكاح الذي به حفظت الأنساب.