للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن كثير في تفسيره: والأظهر والله أعلم أن المراد بالإحصان هنا التزويج لأن سياق الآية يدل عليه حيث يقول سبحانه (ومن لم يستطع منكم طولاً إلى قوله فإذا أحصن) الآية فالسياق كله في الفتيات المؤمنات، فتعين أن المراد بقوله (فإذ أحصن) أي تزوجن كما فسره به ابن عباس ومن تبعه (١).

قال: وعلى كلا القولين إشكال على مذهب الجمهور لأنهم يقولون إن الأمة إذا زنت فعليها خمسون جلدة سواء كانت مسلمة أو كافرة مزوّجة أو بكراً مع أن مفهوم الآية يقتضي أنه لا حد على غير المحصنة من الإماء، قد اختلفت أجوبتهم عن ذلك.

ثم ذكر أن منهم من أجاب وهم الجمهور بتقديم منطوق الأحاديث على هذا المفهوم، ومنهم من عمل على مفهوم الآية وقال إذا زنت ولم تحصن فلا حد عليها، إنما تضرب تأديباً قال وهو المحكي عن ابن عباس وإليه ذهب طاوس وسعيد بن جبير وأبو عبيد وداود الظاهري في رواية عنه.

فهؤلاء قدموا مفهوم الآية على العموم، وأجابوا عن مثل حديث أبي هريرة وزيد بن خالد في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن، قال: إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير (٢)، بإن المراد بالجلد هنا التأديب. وهو تعسف.

وأيضاً قد ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها ثم إن زنت فليجلدها الحد، الحديث (٣).


(١) ابن كثير ١/ ٤٧٦.
(٢) مسلم ١٧٠٣ - البخاري ١٠٨٨.
(٣) مسلم ١٧٠٣ - البخاري ١٠٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>