وقيل المراد بالجار الجنب هنا هو الغريب، وقيل هو الأجنبي الذي لا قرابة بينه وبين المجاور له، وقرىء الجنب بفتح الجيم وسكون النون أي ذي الجنب وهو الناحية، وقيل المراد بالجار ذي القربى المسلم، وبالجار الجنب اليهودي والنصراني.
وقد اختلف أهل العلم في المقدار الذي عليه يصدق مسمى الجوار ويثبت لصاحبه الحق فروي عن الأوزاعي والحسن أنه إلى حدّ أربعين داراً من كل ناحية وروي عن الزهري نحوه، وقيل من سمع إقامة الصلاة، وقيل إذا جمعتهما محلة وقيل من سمع النداء.
والأولى أن يرجع في معنى الجار إلى الشرع فإن وجد فيه ما يقتضي بيانه وأنه يكون جار إلى حد كذا من الدور أو من مسافة الأرض، كان العمل عليه متعيناً، وإن لم يوجد رجع إلى معناه لغة أو عرفاً، ولم يأت في الشرع ما يفيد أن الجار هو الذي بينه وبين جاره مقدار كذا، ولا ورد في لغة العرب أيضاً ما يفيد ذلك، بل المراد بالجار في اللغة المجاور ويطلق على معان.
قال في القاموس: الجار المجاور، والذي أجرته من أن يظلم، والمجير والمستجير والشريك في التجارة وزوج المرأة وهي جارته، وفرج المرأة وما قرب من المنازل والاست كالجارة والقاسم والحليف والناصر انتهى.
قال القرطبي في تفسيره: وروى أن رجلاً جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إني نزلت محلة قوم وإن أقربهم إلي جواراً أشدهم لي أذى فبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر وعمر وعلياً يصيحون على أبواب المساجد ألا إن أربعين داراً جار، ولا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه أهـ.